Monday, June 18, 2018

الدكاكين، فالدكاكين، ثم الدكاكين...

ما فتئت أسرة ولد عبد العزيز تُحكم قبضتها على كل مرافق الاقتصاد الموريتاني. تماما كما تنبأنا بذلك في عددنا الأول الصادر في شهر نوفمبر 2013، فإن محمد ولد عبد العزيز لا يهمه في السلطة شيء  بقدر ما يهمه تحصيل المال وادخاره لصالحه هو ودائرته الأسرية الضيقة. فمهما كان نوع المشروع أو البرنامج، فالنتيجة دائما هي نفسها، وهي أنه في آخر المطاف نجد ثروة ولد عبد العزيز قد تضاعفت.
في هذا العدد، قررنا أن نعود الى هذا الموضوع لنجدد معلوماتنا ونزوّدكم بما حصل عندنا من معلومات جديدة في إطار عملية الاستحواذ الكبرى التي تلتف حولها أسرة ولد عبد العزيز والمقربون منه.



كان ولد عبد العزيز في أشهر خطبة له، قد وعد الموريتانيين بالتجديد الكامل للطبقة السياسية وطبقة رجال الأعمال. وفعلا، بعد ثلاثة عشر سنة، فإنه جدد طبقة رجال الأعمال وقلص عددهم وانتقاهم من بين المقربين من أسرته. نعرض هنا بعض الأمثلة كدليل على عملية التجديد هذه، والتي من خلالها نصب ولد عبد العزيز ثلة من أعوانه وأسمائه المستعارة، على كل مفاصل حياتنا الاقتصادية.

ميناء انواكشوط المستقل
قبل خمسة عشر سنة، كان ميناء انواكشوط المستقل يعج بالشركات الوطنية والمختلفة الجنسيات. كانت هناك:
SMPN (Société Mauritanienne de Peche et de Navigation)
SAMA (Société d’Accompagnement et de Manutention en Mauritanie)
SEP (Société d Équipements Portuaires)
SOGECO
MAERSK

اليوم يتربع محمد عبد الله ولد إياه على دفة الميناء ويسيّره تحت راية شركته المتنفذة (MAURILOG: MAURItanienne de 
LOGistique).
فلقد حصل ولد إياه هذا على أكثر من 12 هكتارا ما بين المرافئ والمستودعات. وقد دخل الرجل في شراكة استراتيجية مع شركة SHENKER والشركة الصينية سيئة الصيت، HONDONG، لاستغلال هذا الميناء الذى يعتبر البوابة الرئيسية للولوج إلى موريتانيا ومالي وجزء من بركنا فاسو. ولد إياه يتقاسم ميناء انواكشوط المستقل، مع ثلة من اسماء ولد عبد العزيز المستعارة، أمثال ولد غده، ولد الدوله وولد امصبوع.
الفكرة خلف كل هذه التجاذبات هي أن تستعد أسرة ولد عبد العزيز للتحكم في مرافق اللوجستيك والصيانة والتموين في مجاليْ النفط والغاز، الواعديْن في موريتانيا وفي شبه المنطقة. وانسجاما مع هذه الاستراتيجية فقد صدرت أوامر وتحفيزات واضحة وملحة لكل الفاعلين الأجانب في حقل المحروقات، على أن يبرموا اتفاقيات وما أمكن من العقود مع MAURILOG بشكل شبه حصري. وتدخل في هذا الإطار الاتفاقية التي مررها مجلس الوزراء بتاريخ 23 نوفمبر 2017 والتي تدخل بموجبها الدولة الموريتانية في شراكة استراتيجية مع OPM-Groupe (Opérateurs Portuaires Mauritaniens) والذى هو عبارة عن مجموعة أشخاص، كلها واجهات لمحمد ولد عبد العزيز. تتعلق هذه الاتفاقية بمبلغ يناهز 16,6 مليون من الدولارات.

الدكاكين، فالدكاكين، ثم الدكاكين...

يلاحظ سكان انواكشوط أن غالبية أرصفة شوارع مدينتهم غمرتها الحوانيت. على كل شارع سلسلة من الحوانيت سرعان ما تحولت إلى "سوق". 

في هذه الصورة ترى سلسلة من الحوانيت مصطفة تحت شقق الكراء. هذه العمارة شيدت على شريط من الأرض اقتطعته الأسرة الرئاسية من ساحة المدرسة الوطنية لتكوين الشرطة الواقعة على شارع المختار ولد داداه.
الصورة أسفله تعرض صفا آخرا من الحوانيت شيد على أنقاض المدرسة الابتدائية المعروفة ب"
École Marché". 



هذه السلسلة من الحوانيت تقع قرب سوق انواكشوط المركزية المعروفة ب"Marché Capitale". كل ساكنة انواكشوط يعرفون قصة سوق انواكشوط المركزية ويستمتعون بتداولها ولا سيما جانبها القانوني. حيث نطق القضاء حكما لصالح التجار ملاك السوق الذين رفضوا مغادرتها والسماح لزمرة ولد عبد العزيز بهدمها وإعادة بنائها لصالحهم. فقررت تلك الزمرة أن تقضي على السوق المارقة بطريقة أخرى، طريقة طبقتها كل مافيات العالم، وهي المنافسة غير النزيهة. ولكي لا يبقى أي أمل لملاك هذه السوق، تمت محاصرتها بسلسلتين من الحوانيت، الأولى في جنوبها (الصورة) والثانية في غربها، في الساحة المعروفة أصلا بساحة عازفي الموسيقى العسكرية "فونفار".
من ناحية أخرى، قامت عصابة أسماء عزيز المستعارة، باستثمارات كبيرة في ميدان مبتكَر هو ميدان الأحياء السكنية المغلفة 

 والمخصصة للأثرياء.


في هذه الصورة نرى أحد هذه الأحياء قيد البناء وهو يتكون من 12 منزلا. هذا الحي يتم تشييده على إحدى الساحات الواقعة في الأراضي المملوكة سابقا لأهل الشيباني والتي توجد قبالة مستشفى ولد بوعماتو للعيون.
من أجل تسيير كل هذه الاستثمارات، من حوانيت وشقق للكراء، قررت أسرة ولد عبد العزيز أن تقتني بنوكا ومؤسسات مالية بحجم ثروتها الطائلة.



في هذه العمارة ذات القبة الدائرية، يوجد المقر الرسمي لبنك المعاملات الإسلامية الذي تعود ملكيته، حسب المتداول، للسيدة الأولى، تكيبر منت مالعينين.



هذه صورة مقر البنك الموريتاني للصناعة، وهو بنك مملوك مباشرة أو عبر أسماء مستعارة، لمحمد ولد عبد العزيز، ويديره زين العابدين ولد أحمد محمود ذائع الصيت.
هذه البنوك والمؤسسات المالية تسمح لولد عبد العزيز أن يلج بكل أريحية الى ما يحتاجه من العملة الصعبة لإدارة مشاريعه 

ومكتسباته في الداخل والخارج، مثلا لشراء العمارات في المملكة المغربية، وفرنسا والإمارات.
 
و علمنا من مصادر مطلعة أن صفقة قصر المؤتمرات المثيرة للجدل كانت مناسبة أخرى استغلتها الزمرة المتنفذة لاقتناء عشرات آلاف الأطنان من حديد الإسمنت و افلاتها من الرسوم الجمركية.

ولم تكن مدينة انواكشوط هي الضحية الوحيدة لجشع ولد عبد العزيز، بل أضاف إليها انواذيبو، العاصمة الاقتصادية للبلاد. فكل القطع الأرضية والعمارات والمرافق التي قررت الإدارة بالمنطقة الحرة بيعها، آلت بطريقة سحرية، إلى أحد المقربين من ولد عبد 
العزيز (السيدة الأولى، الصهر ...). قريبا ستظهر هنالك سلسلات الحوانيت والمحلات التجارية.
ولنا عودة لحالة مدينة انواءيبو فى اعدادنا المقبلة

أصول الثراء
يتفرج الموريتانيون على الصعود المتواتر لثروة ثلة من الرجال والنساء كان أغلبهم مجهولا من طرف الجميع. أي خصلة يتميز بها القوم عن باقي المواطنين؟ هل هو الذكاء؟ أم هل إنها الشجاعة والصبر على مشقة العمل والأداء؟ أو ربما هو المستوى الدراسي؟
في الوقت الذى يفترس فيه الجفاف قطعان المنمين ويجف أراضي المزارعين، يرى سكان انواكشوط الرافعات وهي تشيد العمارات والحوانيت في كل منعطفات العاصمة.
إلا أن الموريتانيين على يقين من أن راتب ضابط سامٍ في الجيش الوطني لا يستطيع، بأي حال من الأحوال، أن يكفي لبناء العمارة التي تأوي بنك السيدة الأولى. ويعلم الموريتانيون أيضا أن السيدة الأولى كانت، قبل خمسة عشر سنة، تدير حماما بحي "لكصر" المتواضع (الصورة).
وقد كان عزيز آنذاك مشتهرا بتهريب حطب "اگرون لمحادة" الذي يقتنيه من حدائق الرئاسة ويسلمه لحمام تكيبر كما كان معروفا.



الباب الواقع مباشرة قبل العمارة الخضراء هو باب حمام تكيبر. كان زوجها يختلس حطب لبروزوبس (اگرون لمحاده) من حظيرة الرئاسة أيام كان حارسا لأمن ولد الطايع. المقارنة بين حال الأسرة الآن وحالها قبل عشرين سنة، كفيلة بقياس سرعة الثراء الفاحش للأسرة الرئاسية في بلدنا.





No comments:

Post a Comment